فصل: الشاهد السابع والأربعون بعد الثمانمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.فتح الأندلس وشؤونها.

ثم صرف عبد المؤمن من قصره إلى الأندلس وكان من خبرها أنه اتصل بالملثمين مقتل تاشفين بن علي ومنازلة الموحدين مدينة فاس وكان علي بن عيسى ميمون قائد أسطولهم قد نزع طاعة لمتونة وانتزى بجزيرة قادس فلحق بعبد المؤمن بمكانه من حصار فاس ودخل في دعوته وخطب له بجامع فاس أول خطبة خطبت لهم بالأندلس عام أربعين وخمسمائة وبعث أحمد بن قيسي صاحب مرتلة ومقيم الدعوة بالأندلس أبا بكر بن حبيس رسولا إلى عبد المؤمن فلقيه على تلمسان وأدى كتاب صاحبه فأنكر ما تضمنه من النعت بالمهدي ولم يجاوب وكان سدراتي بن وزير صاحب بطليوس وباجة وغرب الأندلس قد تغلب على أحمد ابن قيسي هذا وغلبه على مرتلة فأجاز أحمد بن قيسي البحر إلى عبد المؤمن من بعد فتح مراكش لمداخلة علي بن عيسى بن ميمون ونزل بسبتة فجهزه يوسف بن مخلوف ولحق بعبد المؤمن ورغبه في ملك الأندلس وأغراه بالملثمين فبعث معه عساكر الموحدين لنظر براز بن محمد المسوقي الناظر إلى عبد المؤمن من جملة تاشفين وعقد له على حروب من بها من لمتونة والثوار وأمده بعسكر آخر لنظر موسى بن سعيد وبعده بعسكر آخر لنظر عمر بن صالح الصنهاجي ولما أجازوا إلى الأندلس نازلوا بالغمر بن عزرون من الثوار بشريش وكانت له مع ولده ثم قصدوا لبلة وبها من الثوار يوسف بن أحمد البطروجي فأعطاهم الطاعة ثم قصدوا مرتلة وهي تحت الطاعة لتوحيد صاحبها أحمد بن قيسي ثم قصدوا شلب فافتتحوها وأمكنوا منها ابن قيسي ثم نهضوا إلى باجة وبطليوس فأطاعهم صاحب سدراتي بن وزير ثم براز في عسكر الموحدين إلى مرتلة حتى انصرم فصل الشتاء فخرج إلى منازلة أشبيلية فأطاعه أهل طليطلة وحصن القصر واجتمع إليه سائر الثوار وحاصروا أشبيلية برا وبحرا إلى أن افتتحوها في شعبان من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وفر الملثمون بها إلى قرمونة وقتل من أدرك منهم وأتى القتل على عبد الله بن القاضي أبي بكر بن العربي في هيعة تلك الدخلة من غير قصد وكتبوا بالفتح إلى عبد المؤمن بن علي وقدم عليه وفودهم بمراكش يقدمهم القاضي أبو بكر فتقبل طاعتهم وانصرفوا بالجوائز والأقطاعات لجميع الوفد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وهلك القاضي أبو بكر في طريقه ودفن بمقبرة فاس وكان عبد العزيز وعيسى أخوا المهدي من مشيخة العسكر بأشبيلية ساء أثرهما بالبلد واستطالت أيديهما على أهله واستباحوا الدماء والأموال ثم اعتزما على الفتك بيوسف البطروجي صاحب لبلة فلحق ببلده وأخرج الموحدين الذين بها وحول الدعوة عنهم وبعث إلى طليطلة وحصن القصر ووصل يده بالملثمين الذين كانوا بالعدوة وارتد ابن قيسي في مدينة شلف وعلي بن عيسى بن ميمون بجزيرة قادس ومحمد بن الحجام بمدينة بطليوس وثبت أبو الغمر بن عزرون على طاعة الموحدين بشريش ورندة وجهاتهما وتغلب ابن غانية على الجزيرة الخضراء وانتقض أهل سبتة كما ذكرناه وضاقت أحوال الموحدين بأشبيلية فخرج منها عيسى وعبد العزيز أخوا المهدي وابن عمهما يصليتن بمن كان معهم ولحقوا بجبال بستر وجاءهم أبو الغمر بن عزرون واتصلت أيديهم على حصار الجزيرة حتى افتتحوها وقتلوا من كان بها من لمتونة ولحق أخو المهدي بمراكش وبعث عبد المؤمن على أشبيلية يوسف بن سليمان في عسكر من الموحدين وأبقى براز بن محمد على الجباية فخرج يوسف ودوخ أعمال البطروجي بلبلة وطليطلة وعمل ابن قيسي بشلب ثم أغار على جبيرة وأطاعه عيسى بن ميمون صاحب شنتمرية وغزا معهم وأرسل محمد بن علي بن الحاج صاحب بطليوس بهداياه فتقبلت ورعيت له ورجع يوسف إلى أشبيلية وفي أثناء ذلك استغلظ الطاغية على يحيى بن علي غانية بقرطبة وألح على جهاته حتى نزل له عن بياسة ورندة وتغلب على الاشبونة وطرطوشة ولاردة وافراغة وشنتمرية وغيرها من حصون الأندلس وطالب ابن غانية بالزيادة في بيته أو الإفراج له عن قرطبة فراسل ابن غانية براز بن محمد واجتمعا باستجة وضمن له براز إمداد الخليفة على أن يتخلى عن قرطبة وقرمونة ويدال منها بجيان فرضي بذلك وتم العقد ووصل حطاب عبد المؤمن بإمضائه فارتحل ابن غانية إلى جيان ونازله الطاغية بها فغدر بأقماطه واقتلعهم بقلعة ابن سعيد وأفرج الطاغية عن جيان ولحق هذا بغرناطة وبها ميمون بن بدر اللمتوني في جماعة من المرابطين قصده ابن غانية ليحمله على مثل حاله مع الموحدين كان مهلكه بها في شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وقبره بها معروف لهذا العهد وانتهز الطاغية فرصته في قرطبة فزحف إليها ودفع الموحدون بأشبيلية أبا الغمر بن عزرون لحمايتها ووصل إليه مدد يوسف البطروجي من لبلة وبلغ الخبر عبد المؤمن فبعث إليها عسكرا من الموحدين لنظر يحيى بن يغمور في طلب الأمان من عبد المؤمن ثم تلاحقوا به بمراكش فتقبلهم وصفح لهم ونهض إلى مدينة سلاسنة خمس وأربعين وخمسمائة واستدعى منها أهل الأندلس فوفدوا عليه وبايعوه جميعا وبايعه الرؤساء من الثوار على الانخلاع من الأمر مثل سدراتي بن وزير صاحب باجة وباثورة والبطروجي صاحب لبلة وابن عزرون صاحب شريش ورندة وابن الحجام صاحب بطليوس وعامل بن مهيب صاحب طلبيرة وتخلف ابن قيسي وأهل شلب عن هذا الجمع فكان سببا لقتله من بعد ورجع عبد المؤمن إلى مراكش وانصرف أهل الأندلس إلى بلادهم واستصحب الثوار فلم يزالوا بحضرته والله تعالى أعلم.